الدكروري يكتب عن مفتي الديار المصرية أبو عبد الله العتقي


بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية كما جاء في كتب الفقه الإسلام وكتب السير الكثير والكثير عن العلماء والفقهاء في الإسلام وعن أئمة المسلمين والذي كان منهم الإمام ابن القاسم عالم الديار المصرية ومفتيها أبو عبد الله العتقي مولاهم المصري صاحب مالك الإمام، هو أبو عبد الله عبد الرحمن بن القاسم بن خالد بن جنادة، صحب الإمام مالك عشرين عاما، وقد كان ابن القاسم من تلاميذ الإمام مالك المخلصين، يسمع من شيخه، ويحفظ جيدا، ويعمل بنصحه، فقد قال له مالك ذات يوم اتقي الله وعليك بنشر العلم، وكان ابن القاسم أعلم تلاميذ مالك بن انس بعلمه، وآمنهم عليه، وكان رجلا زاهدا تقيا عزوفا عن الحكام لا يقبل جوائزهم ولا هداياهم وكان يردد دائما هذه المقولة “ليس في قرب الولاة، ولا في الدنو منهم خيرا”
وبعد موت مالك انتفع أصحاب مالك بابن القاسم، وهو صاحب المدونة الكبرى في المذهب المالكي، وهي من أفضل كتبهم، والحق أن ابن القاسم كان الحجة الأولى في مذهب مالك حتى إن زميله عبد الله بن وهب وهو أطول التلاميذ صحبة لمالك يقول عنه إذا أردت هذا الشأن، وهو يعني الفقه عند الإمام مالك، فعليك بابن القاسم فإنه انفرد به وشُغلنا بغيره، وترجم له الإمام ابن ناصر الدين في كتابه إتحاف السالك برواة الموطأ عن الإمام مالك، بأن عبد الرحمن بن القاسم أصله من الشام، من مدينة الرملة، وسكن مصر، والرملة هي مدينة عظيمة بفلسطين وكانت رباطا للمسلمين، وسبب تسميتها الرملة لما غلب عليها الرمل، وبينها وبين القدس ثمانية عشر ميلا، ومدينة الرملة واسطة بلاد فلسطين.
وهي مدينة مسورة ولها اثنا عشر بابا، وتقع اليوم في فلسطين المحتلة يسكنها يهود وفلسطينييون بين يافا والقدس، وكان من كبار المصريين وفقهائهم، وجده مولي زبيد بن الحارث العتقي وذلك نسبة إلي العتقاء وهم جماع من عدة قبائل، والعتقاء جماع من عدة قبائل وليسوا قبيلة واحدة منهم من حجر حمير، ومن سعد العشيرة، ومن كنانة مضر وغيرهم، وعامتهـم بمصر، وكانت هذه القبائل يقطعون الطريق، على من أراد النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إليهم، فأتي بهم أسرى، فأعتقهم، فقيل لهم العتقاء، وذكر السمعاني قول النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ” الطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف، بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة والمهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض في الدنيا والآخرة.
وروى الإمام ابن القاسم عن مالك وعبد الرحمن بن شريح ونافع بن أبي نعيم المقرئ وبكر بن مضر وطائفة قليلة، وكما روي عنه أصبغ والحارث بن مسكين وسحنون وعيسى بن مثرود، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، وآخرون، وكان ذا مال ودنيا، فأنفقها في العلم وقيل كان يمتنع من جوائز السلطان وله قدم في الورع والتأله، وقال النسائي عنه أنه ثقة مأمون، وقال الحارث بن مسكين سمعته يقول اللهم امنع الدنيا مني، وامنعني منها.