الدكروري يكتب عن توبة ابن القيم على يد ابن تيمية


بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب التاريخ الإسلامي الكثير عن أئمة الإسلام والمسلمين والذي كان من بينهم الإمام إبن القيم الجوزية وهو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقي الحنبلي، وقيل أن ابن القيم تاب على يد ابن تيمية، وقد قال سيد حسين العفاني بمثل قول بكر بن عبد الله أبي زيد، فيقول ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في النونية بعض ما يقوله الأشاعرة، وغيرهم في الصفات من التأويلات، وبعض ما في كتب النفاة من الطامات، وقد بين ضررهم على الدين ومناهضتهم لنصوص الكتب والسنة، ثم عقد فصلا أعلن فيه أنه قد وقع في بعض تلك المهالك، حتى أتاح له الإله من أزال عنه تلك الأوهام، وأخذ بيده إلى طريق الحق والسلامة.
وهو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وفي المقابل يذكر آخرون مثل صالح بن أحمد الشامي أن القضية هنا هي تكون إطار الاجتهاد أو تصحيح المسار ومثل هذا لا يعد ذنبا، والانتقال إليه لا يسمى توبة، فيقول معلقا على كلام بكر أبي زيد قائلا ولم أري من المترجمين لابن القيم من ذكر هذا الموضوع أو أشار إليه، بحسب اطلاعي المتواضع، والتوبة بمعناها الخاص تكون بعد الذنب المتعارف عليه أنه ذنب، ووضعها عنوانا لهذا الأمر، لا يتناسب مع مكانة ابن القيم مع تقديري الكبير للشيخ بكر وإن كل إنسان مهما كان شأنه عرضة للوقوع في الذنب، وليس في هذه الأبيات وكذلك الأبيات بعدها ذكر للتوبة، وإنما القضية هنا تكون في إطار تغير الاجتهاد أو تصحيح المسار، ومثل هذا لا يعد ذنبا.
والانتقال إليه لا يسمى توبة، والأبيات في الحقيقة هي تسجيل لفضل شيخ الإسلام على ابن القيم في إيضاح بعض مسائل العقيدة، والدعوة إلى التزام الكتاب والسنة، وقد تحدثت مصادر ترجمة ابن القيم عن اشتهاره بحب الكتب وجمعها، حتى تكونت لديه مكتبة كبيرة، فيقول ابن كثير واقتنى من الكتب ما لا يتهيأ لغيره تحصيل عُشره، من كتب السلف والخلف، وقال ابن رجب وكان شديد المحبة للعلم، واقتناء الكتب، واقتنى من الكتب ما لم يحصل لغيره، ويقول ابن حجر العسقلاني وكان مُغرى بجمع الكتب، فحصل منها ما لا يُحصر، وقد خلف ابن القيم مكتبة كبيرة جدا، فيذكر ابن حجر أن أولاده ظلوا دهرا يبيعون منها بعد موته، سوى ما اصطفوه لأنفسهم، وقد اقتنى ابن أخيه عماد الدين أبو الفداء إسماعيل بن زين الدين عبد الرحمن أكثر كتبه.
كما تصف معظم كتب التراجم مذهب ابن القيم بالحنبلي، وذلك لأنه نشأ في مدارس هذا المذهب، بالإضافة إلى أن أسرته كانت تتمذهب به، وقد كان والده أبو بكر الزرعي قيما على المدرسة الجوزية، ولكن ابن القيم بعدما شب واتصل بشيخه ابن تيمية، حصل تحول بحياته العلمية، لا بمعنى تركه المذهب، وإنما أصبح يعنى بالدليل من الكتاب والسنة، ويتبعه حتى لو كان ذلك مخالفا لمذهبه، وقد كان يحث على هذا الطريق، فيقول في كتابه مدارج السالكين فيا أيها القارئ له، لك غنمه وعلى مؤلفه غرمه، لك ثمرته وعليه تبعته، فما وجدت فيه من صواب وحق فاقبله، ولا تلتفت إلى قائله، بل انظر إلى ما قال، لا إلى من قال، وقد ذم الله تعالى من يرد الحق إذا جاء به من يبغضه، ويقبله إذا قاله من يحبه فهذا خلق الأمة الغضبية، قال بعض الصحابة اقبل الحق ممن قاله وإن كان بغيضا، ورد الباطل على من قاله وإن كان حبيبا.