اخر الاخبار

الدكروري يكتب عن ابن القيم وفتوي الصحابة والتابعين


بقلم / محمـــد الدكـــروري

ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب التاريخ الإسلامي الكثير عن أئمة الإسلام والمسلمين والذي كان من بينهم الإمام إبن القيم الجوزية وهو أبو عبد الله شمس الدين محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد بن حريز الزرعي الدمشقي الحنبلي، ويرى ابن القيم الأخذ بفتوى الصحابة وفتوى التابعين فيفصل في ذلك قائلا جواز الفتوى بالآثار السلفية والفتاوي الصحابية، وأنها أولى بالأخذ بها من آراء المتأخرين وفتاويهم، وأن قربها إلى الصواب بحسب قرب أهلها من عصر الرسول صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، وأن فتاوى الصحابة أولى أن يؤخذ بها من فتاوى التابعين، وفتاوى التابعين أولى من فتاوى تابعي التابعين، وهلم جرا، وكلما كان العهد بالرسول صلي الله عليه وسلم أقرب كان الصواب أغلب.

ومن الأصول الشرعية التي يعتمد عليها القياس، وقد ذكر أقسامه ورد على شُبه المنكرين له في كتاب إعلام الموقعين، ويأخذ بالاستصحاب والمصالح المرسلة وسد الذرائع كسائر الحنابلة، كما يعتمد العُرف ويأخذ منه الأحكام، وأما عن الحسن والقبح العقليان، فقد ناقش ابن القيم مسألة الحسن والقبح العقليين أكثر من مرة في كتبه مثل مدارج السالكين وشفاء العليل ومفتاح دار السعادة، وانتهى إلى أن حُسن الأشياء وقبحها، والثواب عليها والعقاب يعرف من جهة العقل دون ترتيب ثواب أو عقاب على ذلك، بينما التكليف لا يكون إلا بعد بعثة الرسل ونزول الأمر الإلهي، فيقول إن الكذب لا يكون قط إلاّ قبيحا، إن تخلف القبح عن الكذب لفوات شرط أو قيام مانع، يقتضي مصلحة راجحة على الصدق لا تخرجه عن كونه قبيحا لذاته.

وقال وأنه أي الشرع لم يجئ بما يخالف العقل والفطرة، وإن جاء بما يعجز العقول عن أحواله والاستقلال به، فالشرائع جاءت بمحارات العقول لا محالاتها، وفرق بين ما لا تدرك العقول حسنه وبين ما تشهد بقبحه، فالأول مما يأتي به الرسل دون الثاني، وأما عن بطلان الحيل، فقد اهتم ابن القيم بذكر مسألة بطلان الحيل اهتماما شديدا، حيث ذكرها في كتاب إعلام الموقعين عن رب العالمين في أكثر من ثلاثمائة صفحة، وكررها في كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان في نحو مائتين صفحة، وذكر فيها بطلان الحيل والخداع التي أخرجها الناس باسم الدين ثم يقول في النهاية ولعلك تقول قد أطلت الكلام في هذا الفصل جدا، وقد كان يكفي الإشارة إليه، فيقال بل الأمر أعظم مما ذكرنا وهو بالإطالة أجدر، فإن بلاء الإسلام ومحنته عظمت من هاتين الطائفتين أهل المكر والمخادعة.

والاحتيال في العمليات وأهل التحريف والسفسطة والقرمطة في العلميات، وكل فساد في الدين والدنيا فمنشؤه من هاتين الطائفتين، فبالتأويل الباطل قتل عثمان رضي الله عنه، وعاثت الأمة في دمائها، وكفر بعضها بعضا، وتفرقت على بضع وسبعين فرقة، فجرى على الإسلام من تأويل هؤلاء، وخداع هؤلاء، ومكرهم ما جرى، واستولت الطائفتان وقويت شوكتهما، وعاقبوا من لم يوافقهم وأنكر عليهم، ويأبى الله إلا أن يقيم لدينه من يذب عنه ويبين أعلامه وحقائقه لكيلا تبطل حجج الله وبيناته على عباده.

مقالات ذات صلة