الدكروري يكتب عن ابن خفيف مع أبو الحسن الأشعري


بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن الإمام ابن خفيف وهو الشيخ الإمام العارف الفقيه القدوة، ذو الفنون أبو عبد الله محمد بن خفيف بن اسفكشار الضبي الفارسي الشيرازي، شيخ الصوفية، ويقول ابن خفيف لما التقيت بالشيخ أبو الحسن الأشعري، فسرحت وأمعنت النظر في توسمه وتوقد جذوته، فإذا به يخرج من المجلس فتبعته فنظر إلي وقال يا فتى كيف وجدت أبا الحسن، فقلت ومسجل مثل حد السيف منصلت، تزل عن غربه الألباب والفكر، طعنت بالحجة الغراء جيلهم، ورمح غيرك منه العي والحضر، لا قام ضدك ولا قعد جدك، ولا فض فوك ولا لحقك من يقفوك، فوالذي سمك السماء وعلم ءادم الأسماء، لقد أبديت اليد البيضاء، وسكنت الضوضاء وكشفت الغماء، ولحنت الدهماء وقطعت الأحشاء.
وقمعت البدع والأهواء، ولكنه قد بقي لي سؤال، فقال اذكره، قلت رأيت الأمر لم يجري على النظام، لأنك لم تفتتح كلامك بالدليل، فقال إني في الابتداء لا أذكر الدليل ولا أشتغل بالتعليل، حتى إذا ذكر الخصم ضلالته وأفرد شبهته، أنص حينها على الجواب بالدليل والبرهان، فقال ابن خفيف، فتعلقت بأهدابه لخصائص آدابه، ونافست في مصافاته لنفائس صفاته، ولبثت معه برهة أستفيد منه في كل يوم نزهة، وأدرأ عن نفسي للمعتزلة شبهة، ثم ألفيت مع علو درجته وتفاقم مرتبته، يقوم بتثقيف أوده من كسب يده، من اتخاذ تجارة العقاقير معيشة، والاكتفاء بها عيشة، اتقاء للشبهات وإبقاء على الشهوات، رضى بالكفاف وإيثارا للعفاف، وصحب الإمام ابن خفيف رويما بن أحمد وأبا محمد الجريري وأبا العباس بن عطاء.
وطاهر المقدسي وأبا عمر الدمشقي ولقي الحسين بن منصور، وحدث عن حماد بن مدرك وهو آخر أصحابه، وعن محمد بن جعفر التمار والحسين المحاملي وجماعة، وأما مصنفاته فكثيرة قال فيها تاج الدين السبكي وصنف من الكتب ما لم يصنفه أحد، وعاش من الزمن حتى عم نفعه، ومن الكتب التي صنفها هو كتاب آداب المريدين، واختلاف الناس في الروح، وجامع الإرشاد، والجمع والتفري، والفصول في الأصول، وفضل التصوف، وكتاب الاستدراج، والاستذكار، والإعانة، والاقتصاد، والسماع، وقال السلمي أقام بشيراز وأمه نيسابورية وهو اليوم شيخ المشايخ وتاريخ الزمان لم يبقي للقوم أقدم منه ولا أتم حالا، صحب رويم بن أحمد وابن عطاء ولقي الحلاج وهو من أعلم المشايخ بعلوم الظاهر.
متمسك بالكتاب والسنة وهو فقيه شافعي، وعن محمد بن خفيف الضبي قال قرئ على حماد بن مدرك وأنا أسمع حدثنا عمرو بن مرزوق، حدثنا شعبة، عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “إذا صنعت قدرا فأكثر من مرقها، وانظر أهل بيت من جيرانك فأصبهم بمعروف” وقال أبو عبد الرحمن السلمي قال أحمد بن يحيى الشيرازي ما أرى التصوف إلا يختم بأبي عبد الله بن خفيف.