الدكروري يكتب عن قاضي القضاة وصاحب المصنفات


بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن الإمام ابن حجر شهاب الدين أبو الفضل العسقلاني، وقال ابن قاضي شهبة عن ابن حجر بقية العلماء الأعلام، قاضي القضاة، وصاحب المصنفات التي سارت بها الركبان، وقال وبالجملة فهو إمام زمانه، وحافظ وقته أوانه، وعنده من الذكاء والفطنة وصفاء القريحة ما تحيّر فيه الأمصار، وقال عبد الحي العكبري، انتهى إليه معرفة الرجال واستحضارهم ومعرفة العالي والنازل وعلل الأحاديث وغير ذلك، وصار هو المعول عليه في هذا الشأن في سائر الأقطار، وقال البقاعي عنه هو شيخ الإسلام، وطراز الأنام، علم الأئمة الأعلام، حافظ العصر، وأستاذ الدهر، سلطان العلماء، ملك الفقهاء، وقال ابن العماد في شذرات الذهب ” شيخ الإسلام علم الأعلام أمير المؤمنين في الحديث.
حافظ العصر” وقد حرص الحافظ ابن حجر على بيان منهجه في التصنيف في مقدمة كل كتاب له ومثال ذلك قوله في مقدمة التقريب أنني أحكم على كل شخص منهم بحكم يشمل أصح ما قيل فيه، وأعدل ما وصف به، بألخص عبارة، وأخلص إشارة، بحيث لا تزيد كل ترجمة على سطر واحد غالبا، يجمع اسم الرجل واسم أبيه وجده، ومنتهى أشهر نسبته ونسبه، وكنيته ولقبه، مع ضبط ما يشكل من ذلك بالحروف، ثم صفته التي يختص بها من جرح أو تعديل، ثم التعريف بعصر كل راوي منهم، بحيث يكون قائما مقام ما حذفته من ذكر شيوخه والرواة عنه، إلا من لا يؤمنه لبسه” وأيضا الاستخارة عند التصنيف ومن ذلك قوله في مقدمة الفتح، وقد استخرت الله تعالى في أن أضم إليه نبذا شارحة لفوائده موضحة لمقاصده.
كاشفة عن مغزاه في تقييد اوابده واقتناص شوارده، وأيضا سؤال الله عز وجل الإعانة على التصنيف، فقد جاء في مقدمة المطالب العالية والله أستعين في جميع الأمور كلها، لاإله إلا هو، وأيضا بيان الباعث على التأليف، ومن ذلك قوله في مقدمة تقريب التهذيب فإنني لما فرغت من تهذيب وهو تهذيب الكمال في أسماء الرجال، الذي جمعت فيه مقصود التهذيب، لحافظ عصره أبي الحجاج المزي، من تمييز أحوال الرواة المذكورين فيه، وضممت إليه مقصود إكماله للعلامة علاء الدين مغلطاي، مقتصرا منه على ما اعتبرته عليه، وصححته من مظانه، من بيان أحوالهم أيضا، وزدت عليهما في كثير من التراجم ما يتعجب من كثرته لديهما، ويستغرب خفاؤه عليهما وقع الكتاب المذكور من طلبة الفن.
موقعا حسنا عند المميز البصير، إلا أنه طال إلى أن جاوز ثلث الأصل، والثلث كثير، فالتمس مني بعض الإخوان أن أجرد له الأسماء خاصة، فلم أوثر ذلك، لقلة جدواه على طالبي هذا الفن، ثم رأيت أن أجيبه إلى مسألته، وأسعفه بطلبته، على وجه يحصل مقصوده بالإفادة، وأيضا ذكر مصادره ونقل أقوال العلماء ونسبتها إليهم ومن ذلك ماجاء في مقدمة كتابه إنباء الغمر هذا تعليق جمعت فيه حوادث الزمان الذي أدركته منذ مولدي سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة وهلم جرا مفصلا في كل سنة أحوال الدول عن وفيات الأعيان مستوعبا لرواة الحديث خصوصا من لقيته أو أجاز لي، وغالب ما أورد فيه ما شاهدته أو تلقفته ممن أرجع إليه أو وجدته بخط من أثق به من مشايخي ورفقتي كالتاريخ الكبير للشيخ ناصر الدين بن الفرات وقد سمعت عليه جملة من الحديث.