اخر الاخبار

(نقص العمالة الماهرة .. معاناة أوروبية وآمال مصرية)

فتحى ندا، يكتب
أظهرت تقارير عدة معاناة معظم دول أوروبا من نقص كبير في أعداد العمالة الماهرة وهذا يعود إلى عدة عوامل، منها تقلص السكان وتغيرات في هيكلية الاقتصاد، مما يتطلب توظيف العمالة الماهرة في قطاعات مختلفة.
ووفقًا لتقرير صادر عن المفوضية الأوروبية، فإن نسبة عجز العمالة الماهرة في بعض الدول تصل إلى 40%، ويتوقع أن تزداد هذه النسبة مع مرور الوقت.
العوامل المحتملة التي تؤدي إلى نقص العمالة الماهرة تشمل:
أ‌- تقلص السكان وانخفاض معدلات الولادة
ب‌- الهجرة إلى الخارج للحصول على فرص عمل أفضل
ت‌- عدم توافر العمالة الماهرة المطلوبة في السوق
ث‌- التغيرات في هيكلية الاقتصاد وتحول الدول إلى اقتصادات معرفية تتطلب مهارات مختلفة
ج‌- تغيرات في التكنولوجيا والتحول إلى اقتصاد رقمي يتطلب مهارات جديدة
هذه العوامل قد تؤدي إلى نقص العمالة الماهرة في دول مختلفة، ولكن يمكن أن يختلف التأثير من دولة إلى أخرى.
وعن الحلول المقترحة للتعامل مع نقص العمالة الماهرة سواء على المدى القريب أوالبعيد تتمثل في الآتى:
1. زيادة التدريب والتعليم المهني لتزويد العمالة بالمهارات المطلوبة في السوق.
2. تشجيع الهجرة المؤهلة والتجارية لجذب المهارات المطلوبة من خارج الدولة.
3. تحسين بيئة العمل وتوفير فرص عمل مجزية ومنافسة لتحفيز العمالة الماهرة على البقاء في الدولة.
4. التركيز على تحسين جودة حياة العمالة الماهرة والتكيف مع تغيرات هيكلية الاقتصاد.
5. استخدام التكنولوجيا والابتكارات لتحسين كفاءة الإنتاج وتقليل الاعتماد على العمالة الماهرة.
أيضا يواجه الوطن العربي وبعض دول قارة إفريقيا وآسيا أيضًا نقصًا في العمالة الماهرة، وذلك بسبب عدة عوامل مثل .. تغيرات في هيكلية الاقتصاد والهجرة إلى الخارج للحصول على فرص عمل أفضل.
ومن أجل التعامل مع هذا النقص، يمكن تبني بعض الحلول المشابهة لتلك التي ذكرت اعلاه، مثل زيادة التدريب والتعليم المهني، وتشجيع الهجرة المؤهلة والتجارية، وتحسين بيئة العمل، وتحسين جودة حياة العمالة الماهرة، واستخدام التكنولوجيا والابتكارات لتحسين كفاءة الإنتاج.
وللحديث عن مصر خاصة في هذا الصدد، بداية تواجه مصر أيضًا نقصًا في العمالة الماهرة في بعض القطاعات، ولكن يمكن تبني حلول لتحسين هذا الوضع، مثل زيادة التدريب والتعليم المهني وتحسين بيئة العمل وتشجيع الاستثمارات في الصناعات التكنولوجية والإبداعية.
وما يميز مصر في هذا النطاق أن لديها قوة عمل تفوق أضعاف إحتياجاتها رغم النقص في أعداد العمالة الماهرة حيث بلغ إجمال القوة العاملة في نهاية عام 2022م 31,166,284.00 ( واحد وثلاثون مليون ومائة وستة وستون الف ومئتان واربعة وثمانون نسمة) ، إذ يمكن لمصر توفير العمالة الماهرة في بعض القطاعات التي تحتاج إلى هذه المهارات، مثل الصناعات الإبداعية وتقنية المعلومات، وذلك من خلال توفير برامج تدريب مهني وتطوير المهارات للشباب المصري، وتشجيع الشركات الأوروبية على الاستثمار في مصر وتوفير فرص عمل للشباب المصري المؤهل هذا على الصعيد الداخلى.
أما عن الدور الذى يمكن لمصر القيام به في توفيرالعمالة الماهرة للقطاعات التي تحتاج إلى هذه المهارات في أوروبا، يمكن القول.. بداية إن ذلك يعتمد على الكثير من العوامل المختلفة، مثل الاحتياجات الفعلية للسوق والمهارات المطلوبة والتكنولوجيا المستخدمة وغيرها، ويمكن لمصر الإهتمام بدراسة وفهم القطاعات التي تحتاج إلى المهارات المطلوبة وتوفير برامج تدريب مهني وتطوير المهارات والتأهيل للشباب المصري، سيؤدي إلى زيادة عدد العمالة الماهرة المطلوبة لسوق العمل المحلي وللقطاعات التي تحتاج إليها فعلا أسواق العمل الأوروبى ومن ثم إضافة مورد هام الى موارد العملات الأجنبية المتاحة حاليا وبالطبع المساهمة في تقليص الفجوة الدولارية التي يعانى منها الاقتصاد المصرى، وفضلا عن أن السعي قُدُمًا في هذا الإتجاه – سيخلق مورد دائم ومتنامى للعملات الأجنبية ،فإنه سيساهم بفاعلية في توطين مختلف التكنولوجيات والصناعات الحديثة سيما تلك الرقمية منها وتلك القائمة على تطبيقات الذكاء الإصطناعى.
وعن الآثار التى قد تنجم عن إستمرار نقص العمالة يمكن القول إن نقص العمالة الماهرة يؤدي إلى تأثيرات سلبية على الاقتصادات والمجتمعات وقد يؤدي ذلك إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة، ويمكن أن يؤثر على القدرة التنافسية للشركات المحلية. لذلك يجب على الحكومات والشركات تطوير خطط لجذب وتدريب المزيد من العمالة الماهرة لتلبية احتياجات التنمية.

الجدير بالذكر أن مفهوم Concept “عمالة ماهرة” يعني أن العمال لديهم مهارات وخبرات عالية في مجال عملهم ويستطيعون القيام بالمهام المطلوبة بكفاءة وجودة عالية، ويمكن أن يشمل مصطلح “عمالة ماهرة” مهارات متعددة في مجالات مثل الحرفيين والفنيين والمهندسين والتمريض والزراعة والإنتاج الحيواني والطب البيطرى …. وغيرهم، وتعتبر العمالة الماهرة أحد العوامل الرئيسية في نجاح الشركات والصناعات المختلفة، حيث تساهم في زيادة الإنتاجية وتحسين جودة المنتجات وتقليل التكاليف.
وتجدر الإشارة الى أن معايير المهارة تتأثر بتطور التكنولوجيا وتطور احتياجات سوق العمل. فمثلاً، قد تتطلب بعض الوظائف الجديدة مهارات تقنية متخصصة مثل الذكاء الاصطناعي والتحليلات البيانية، في حين أن بعض الوظائف الأخرى قد تتطلب مهارات ناشئة مثل التواصل الفعال عبر الإنترنت والتعاون عن بعد.
لذلك، فإن المهارات المطلوبة من العمال الماهرين يمكن أن تتغير مع تطور التكنولوجيا وتغير احتياجات سوق العمل، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تتغير معايير المهارة بسبب التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها المجتمعات، حيث يمكن أن تؤدي الانتكاسات الاقتصادية إلى تغيير احتياجات سوق العمل، وتؤدي التغيرات الاجتماعية إلى زيادة الطلب على بعض المهارات الجديدة.
يؤثر التغير الديموغرافي في معايير المهارة، حيث يمكن أن تؤدي التغيرات في السكان وتركيبتهم إلى زيادة الطلب على بعض المهارات المحددة. على سبيل المثال، يمكن أن يؤدي تزايد عدد المسنين في المجتمع إلى زيادة الطلب على العاملين في مجال الرعاية الصحية والاجتماعية، وبالتالي زيادة الحاجة إلى المهارات المتعلقة بهذا المجال.
أيضاً يؤثر التحول الاقتصادي والتقني في الصناعات على معايير المهارة، حيث يمكن أن تتغير الطلبيات الصناعية والخدمية والمهارات المطلوبة لتلبية هذه الطلبيات. ويمكن أن تؤدي التحولات التقنية إلى تغيير طرق الإنتاج والعمل، وبالتالي تغيير المهارات المطلوبة للعمال في هذه الصناعات.
قد تختلف معايير المهارة من دولة أو بيئة إلى أخرى، حيث يتأثر ذلك بعدة عوامل مثل الثقافة والتعليم والتطور التكنولوجي والاحتياجات الاقتصادية.
لذلك، يجب على العمال الماهرين البقاء على اطلاع دائم بتطورات أسواق العمل وتحديد المهارات المطلوبة في بيئتهم العملية والأسواق الخارجية وتطويرها بشكل مناسب و بانتظام لتحقيق النجاح في تلبية إحتياجات سوق العمل المحلي والدولي.

مقالات ذات صلة