الدكروري يكتب عن صاحب كتاب الإيصال إلى فهم الخصال


بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر الكثير والكثير عن علماء وفقهاء الإسلام والمسلمين والذي كان من بينهم الإمام إبن حزم الأندلسي، وقيل أنه كان له في الآداب والشعر نفس واسع وباع طويل، وكما قال ابن العماد الحنبلي أنه كان إليه المنتهى في الذكاء وحدة الذهن وسعة العلم بالكتاب والسنة والمذاهب والملل والنحل والعربية والآداب والمنطق، والشعر مع الصدق والديانة والحشمة والسؤدد والرياسة والثروة وكثرة الكتب، وكما قال الشيخ أبو حامد الغزالي وجدت في أسماء الله الحسنى كتابا لأبى محمد بن حزم يدل على عظم حفظه وسيلان ذهنه، وقال أبو القاسم صاعد بن أحمد في طبقات الأمم كان ابن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام وأوسعهم مع توسعه في علم اللسان والبلاغة والشعر والسير والأخبار.
وأخبرني ابنه الفضل انه اجتمع عنده بخط أبيه من تآليفه نحو أربعمائة مجلد تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة، وكما قال الإمام ابن خلكان عنه أنه كان حافظا عالما بعلوم الحديث مستنبطا للأحكام من الكتاب والسنة بعد أن كان شافعي المذهب فانتقل إلى مذهب أهل الظاهر وكان متفننا في علوم جمة عاملا بعلمه زاهدا في الدنيا بعد الرياسة التي كانت له ولأبيه من قبله في الوزارة وتدبير الملك، فكان متواضعا ذا فضائل وتآليف كثيرة، وجمع من الكتب في علم الحديث والمصنفات والمسندات شيئا كثيرا وسمع سماعا جما، وكما ألف في فقه الحديث كتابا سماه الايصال إلى فهم الخصال الجامعة لجمل شرائع الإسلام في الواجب والحلال والحرام والسنة والإجماع اورد فيه اقوال الصحابة والتابعين.
ومن بعدهم من ائمة المسلمين والحجة لكل طائفة وعليها وهو كتاب كبير وكان كثير الوقوع في العلماء المتقدمين لا يكاد يسلم أحد من لسانه فنفرت عنه القلوب واستهدف فقهاء وقته فتمالؤا على بغضه وردوا أقواله واجمعوا على تضليله وشنعوا عليه وحذروا سلاطنيهم من فتنته ونهوا عوامهم عن الدنو اليه والأخذ عنه فأقصته الملوك وشردته عن بلاده، وله كتاب في مراتب العلوم وكيفية طلبها وتعلق بعضها ببعض وكتاب اظهار تبديل اليهود والنصارى التوراة والانجيل وبيان ناقص ما بأيديهم من ذلك مما لايحتمل التأويل وهذا معنى لم يسبق إليه وكتاب التقريب بحد المنطق والمدخل إليه بالألفاظ العامية إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة وكان له كتاب صغير سماه نقط العروس جمع فيه كل غريبة ونادرة.
وكما قال عنه ابن المفلح أنه كان إليه المنتهى في الذكاء والحفظ، وكثرة العلم وكان متفننا في علوم جمة وله التصانيف الفاخرة في علوم شتى حتى في المنطق وشرح المحلى في اثنى عشر مجلدا ومن طالع كتابه هذا وجد فيه تأدبه مع الإمام أحمد ومتابعته، وكما قال عنه الإمام العز بن عبد السلام ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم والمغنى لابن قدامة، وكما قال عنه ابن بشكوال في حقه كان أبو محمد أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان ووفور حظه من البلاغة والشعر والمعرفة بالسير والأخبار أخبر ولده أبو رافع الفضل أنه اجتمع عنده بخط أبيه من تأليفه نحو أربعمائة مجلد تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة.