الحرب الروسية الأوكرانية هي حرب يدفع العالم كله ثمنها


بقلم : يوحنا عزمي
لو حاولنا الخروج من دائرة الخيارات العسكرية العنيفة بما فيها إحتمال استخدام الخيار النووي ، سواء بصورته الإستراتيجية الشاملة او التكتيكية المحدودة ، لحسم معضلة الحرب الروسية الأوكرانية ، ولوضع نهاية قريبة لها ، وهو خيار سوف يتحمل العالم كله تبعاته ويدفع ثمنه الفادح مع طرفي هذه الحرب. وتحولنا إلي البحث في منظومة الخيارات البديلة التي سيكون للدبلوماسية الدور الأكبر فيها ، فسوف يتضح لنا ان التركيز علي خيار الوساطات الدبلوماسية التي تضطلع بها اطراف ثالثة كالصين او غيرها علي نحو ما هو حادث الآن ، هو خيار من المرجح جدا ان يفشل مع تصميم كل من الطرفين الروسي والأوكراني علي مواقفهما وشروطهما ورفضهما تقديم اية تنازلات جوهرية كمخرج من مأزق هذه الحرب ، وهو الإحتمال الأقرب لأن يحدث في الواقع ولنصل بعدها إلي نهاية طريق مسدود.
فالوساطة الدبلوماسية مهما طال امدها او ايا ما كانت نوايا وخبرات القائمين بها قد تفشل وليضيع كل ما بذل فيها من جهد ووقت ، وهو ما سوف يعني استمرار الحرب إلي امد غير معلوم ومع تضاعف خسائر طرفيها ، فسوف تزداد تعقيداتها واشكاليات تسويتها وانسداد كل آفاق الحلول السلمية التوافقية امامها.
ومعني ذلك ان ما قد يبدو ممكنا اليوم ، لن يكون كذلك غداً فمعطيات الظروف وشروط التسوية والحل ومواقف اطرافها
لن تكون هي نفسها .. وانما سوف تتغير وتختلف وتزداد تصلبا وتشدداً. فمع تضاعف الخسائر تضيق دائرة الخيارات .. ويتحول مؤشر التركيز ومعه محددات الرؤية لطبيعة الحل في اتجاه آخر.
ومن ثم ، لا اري بديلا معقولا او ممكنا يوفر مخرجا قريبا من أزمة هذه الحرب إلا بما سبق لي ان اقترحته واسهبت في توضيحه وهو الدعوة ، من خلال مجلس الأمن الدولي او غيره من المجموعات الدولية وما اكثرها ، إلي وقف إطلاق نار فوري ، يليه الدخول في عملية تحكيم قانوني دولي علي اعلي مستوي بعد التوافق علي ترتيباتها واختيار محكميها ومقرها وشروطها وهناك من السوابق الدولية ما يسمح باختصار وقت هذه الاجراءات وعدم الغرق في زحمة تفاصيلها ، وبعدها وعلي ضوء نتائجها يمكن بدء عملية تفاوضية بالطرق الدبلوماسية المعتادة من اجل التوصل إلي تسوية نهائية وشاملة يتحدد محتواها من ضمانات والتزامات وترتيبات امنية دائمة ، تبعا لما يتوافق عليه الطرفان الروسي والأوكراني لتطبيع علاقاتهما ببعضهما كدولتي جوار.
هذا هو ما أراه ، وإذا كان هناك مدخل آخر غير ما اقترحه
ويري فيه غيري بديلا افضل لإغلاق ملف هذه الحرب التي
ينذر استمرارها بكارثة اكبر من تلك التي عشناها معها حتي
الآن ، فليتفضل بتقديم تصوره للحل لنا في اطار واضح ومتكامل من التحليل والتقييم ، حتي تكتمل الصورة امامنا بكل ابعادها واحتمالاتها ..
فالحرب الروسية الأوكرانية لم تعد هي حربهما وحدهما ، وإنما
هي حرب يدفع العالم كله ثمنها ، ولا بد ان يكون له دور اقوي في الدعوة إلي وقفها .. وهذا هو ما دفعني لان اكتب عنها ما كتبت.