مقالات

الدكروري يكتب عن الصلة وأهل الذمة


بقلم / محمـــد الدكـــروري

بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، ونصلي ونسلم ونبارك علي إمام الأنبياء والمتقين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، لقد جاءت الشريعة الإسلامية المباركة تحثنا على صلة الأرحام وقضاء حوائج غير المسلمين المسالمين لنا، حيث قال عبدالله بن أبي حدرد لما قدمنا مع عمر بن الخطاب الجابية وهو مكان إذا هو بشيخ من أهل الذمة أي من غير المسلمين، يستطعم، أي يطلب طعاما من الناس، فسأل عنه، فقلنا يا أمير المؤمنين، هذا رجل من أهل الذمة كبر وضعف، فوضع عنه عمر الجزية التي في رقبته، وقال كلفتموه الجزية حتى إذا ضعف تركتموه يَستطعم، فأجرى عليه من بيت المال عشرة آلاف دراهم، وكان له عيال، ومعنى أهل الذمة هي أن الذمة هي العهد.

والأمان، والضمان، والحرمة، والحق، وسُمّي أهل الذمة بذلك لدخولهم في عهد المسلمين وأمانهم، وقيل أنه كتب خالد بن الوليد رضي الله عنه عقد الذمة لأهل الحيرة بالعراق، زمن خلافة أبي بكر الصديق، فقال فيه أيما شيخ ضعف عن العمل، أو أصابته آفة، أو كان غنيّا، فافتقر وصار أهل دينه يتصدقون عليه، طُرحت جزيته، وعيل من بيت مال المسلمين وعياله ما أقام بدار الهجرة ودار الإسلام، وكتب عمر بن عبدالعزيز رحمه الله إلى عدي بن أرطاة وهو أمير البصرة، انظر من عندك من أهل الذمة قد كبرت سنه، وضعفت قوته، وولَّت عنه المكاسب، فأجري عليه من بيت مال المسلمين ما يصلحه، فلو أن رجلا من المسلمين كان له مملوك كبرت سنه وضعفت قوته، وولَّت عنه المكاسب.

كان من الحق عليه أن يقوته حتى يفرق بينهما موت أو عتق، وذلك أنه بلغني أن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب مر بشيخ من أهل الذمة يسأل على أبواب الناس، فقال “ما أنصفناك، أن كنا أخذنا منك الجزية في شبيبتك، ثم ضيعناك في كبرك” قال ثم أجرى عليه من بيت المال ما يصلحه، وكما قال الإمام ابن تيمية رحمه الله أنه خاطبت قازان وهو ملك التتار في إطلاق الأسرى، فسمح بإطلاق الأسرى المسلمين، ثم قال قازان معنا نصارى أخذناهم من القدس، فهؤلاء لا يطلقون، فقلت له بل جميع من معك من اليهود والنصارى الذين هم أهل ذمتنا، فإنا نفتكهم ولا ندع أسيرا، لا من أهل الملة، ولا من أهل الذمة، وأطلقنا من النصارى من شاء الله، فهذا عملنا وإحساننا والجزاء على الله.

وكذلك السبي الذي بأيدينا من النصارى، يعلم كل أحد إحساننا ورحمتنا ورأفتنا بهم، كما أوصانا خاتم المرسلين صلي الله عليه وسلم حيث قال في آخر حياته ” الصلاة وما ملكت أيمانكم” وحيث قال الله تعالى في كتابه ” ويطعمون الطعام علي حبه مسكينا ويتيما وأسيرا” وكما أن صلة الرحم صفة من أعظم صفات الصالحين، وخلق من أنبل أخلاق المتقين، تخلق بها نبينا محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يوحى إليه وزادها بعد أن بُعث بالرسالة تعظيما وتشريفا، هي من أزكى الصفات، وتركها موجب للحسرة والندامة وعاجل العقوبة في الدنيا، مع ما توعد به تاركها من الوعيد الشديد في الآخرة، والعمل بهذه الصفة والحرص عليها يطيل الأعمار، ويبارك في الأرزاق، ويملأ الحياة سعادة وهناء.

ويعطر الذكرى بعد مفارقة الدنيا بحسن الثناء، وخالص الدعاء فعل هذه الصفة رفعة، والتخلق بها منقبة، تملأ قلوب الناس لك حبا، وتزيدك من مولاك قربا إنها صلة الأرحام، والأرحام هم من لك بهم صلة قرابة من جهة الأب أو الأم، وأعظمهم حقا الوالدان، ونذكر ذلك لأن البعض يخلط بين الأرحام والأصهار، على أن لكل حقوقَه إلا أن الأرحام حقهم أعظم بكثير من حق الأصهار.

مقالات ذات صلة