الدكروري يكتب عن السلام في كفة الميزان


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة في الدارين وبعث فينا رسولا منا يتلو علينا آياته ويزكينا ويعلمنا الكتاب والحكمة وإن كنا من قبل لفي ضلال مبين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تكون لمن اعتصم بها خير عصمة وأشهد أن محمد عبده ورسوله أرسله الله للعالمين رحمة وأنزل عليه الكتاب والحكمة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، الذي دخل الصحابي الجليل أبو بكر الصديق عليه صلى الله عليه وسلم في بيت السيدة عائشة رضي الله عنها وعندها جاريتان تغنيان يوم العيد، فقال أبو بكر أمزمار الشيطان في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال صلى الله عليه وسلم ” دعهم يا أبا بكر، فإن لكل قوم عيدا وهذا عيدنا” وسأل صلى الله عليه وسلم السيدة عائشة رضي الله عنها عن زواج حضرته للأنصار؟
” هل كان معكم شيء من لهو؟ أي من طرب، فإن الأنصار يعجبهم اللهو” وكل هذا في حدود المباح الذي يريح النفس ويذهب عنها السأم والملل، أما الحرام فكان أبعد الناس عنه صلى الله عليه وسلم، والعجيب هو توصّله صلى الله عليه وسلم الى غرس هذه الفضيلة في نفوس أصحابه غرسا بقي بقاء حياتهم، ودام دوام أعمارهم ونقله الأتباع عنهم، وأتباع الأتباع عن الأتباع الى اليوم، فكان إذا لقيه الرجل يوما من الدهر أو ساعة من الزمن وآمن به، ترك عليه من الأثر ما يبقى ملازما له حتى الموت، فكأن ليس في حياة هذا الرجل إلا ذلك اليوم أو تلك الساعة التي لقي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما ذاك إلا لصدق نبوته صلى الله عليه وسلم وبركة دعوته، وعظيم إخلاصه وجلالة خلقه ونبل فضائله صلى الله عليه وسلم.
فعليه ما سجع الحمام سلامنا فيه إله العالمين هدانا، أما بعد روي عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها قالت، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية ” لا يشركن بالله شيئا” قالت وما مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم يد امرأة إلا امرأة يملكها” وتكره الإشارة بالسلام، سواء أكان ذلك باليد أو بغيرها، بدون التلفظ بالسلام لأن ذلك تشبه بغير المسلمين، وقد نهانا النبي صلى الله عليه وسلم أن نتشبه بهم، فعن عمرو بن العاص رضى الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال “ليس منا من تشبه بغيرنا لا تشبهوا باليهود ولا النصارى، فإن تسليم اليهود الإشارة بالأصابع وتسليم النصارى الإشارة بالأكف” رواه الترمذي، وأما من كان بعيدا، بحيث لا يسمع التسليم، فإنه يجوز السلام عليه إشارة.
ويتلفظ مع ذلك بالسلام، وإن السلام هو زيادة في الحسنات ورفع لدرجة الإيمان، فعن عمران بن الحصين رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ” السلام عليكم فرد عليه ثم جلس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشر، ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله، فرد فجلس، فقال عشرون، ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته فرد فجلس فقال ثلاثون ” وقال عمار بن ياسر رضي الله عنهما ثلاث من جمعهن فقد جمع الإيمانن الإنصاف من نفسك، وبذل السلام للعالم، والإنفاق من الإقتار ” وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال “السلام اسم من أسماء الله تعالى وضعه، فأفشوه بينكم، فإن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم، فإن لم يردوا عليه رد عليه مَن هو خير منهم وأطيب”.