الدكروري يكتب عن ضرورة حب الله تعالي


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الرحيم الرحمن، خلق الإنسان، علمه البيان، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، رفع منزلة أهل العلم والإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه في الأميين يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما مزيدا، وهو صلي الله عليه وسلم الذي يرى أبا موسى الأشعري يصعد جبلا فيقول له ” عليك بلا حول ولا قوة إلا بالله، فإنها كنز من كنوز الجنة” فهذه الكلمة تناسب صعود الجبال وحمل الأثقال، لأن فيها البراءة من قوة العبد وحوله وطلب المعونة من الله والمدد، فما أحسن الاختيار في هذا الإرشاد مع مراعاة مقتضى المقام، ويرى صلى الله عليه وسلم ضعف أبي ذر وقلة تحمله.
فيأمره باجتناب الإمارة، لأنه ضعيف، وهي أمانة وخزي وندامة يوم القيامة، لن مثل أبي ذر له أبواب في الخير يجيدها غير باب الولاية، فانظر لفطنته صلى الله عليه وسلم ومعرفته بمواهب الناس، ويقول صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه لما بعثه الى اليمن ” إنك تأتي أقواما أهل كتاب” وذلك لينبه معاذا الى معرفة أقدار المخاطبين، والاطلاع على أحوالهم ليقول لهم ما يناسبهم، ويوصي معاذا وهو رديفه على حمار بحق الله على العبيد وحق العبيد على الله لأن معاذا عالم داعية تناسبه هذه الوصية الكبرى، وسوف يبلغها للأمة، لأنه في مكان التوجيه والإرشاد والنصح، وهذا الذي فعله معاذ رضي الله عنه في حياته، ولو كان أعرابيا لما ناسبه هذا الكلام، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله.
أما بعد لقد حثَت النصوص الإسلامية على ضرورة أن يحب الإنسان ربه ويكون ذلك من خلال استذكار نعم الله تعالى عليه، ورحمته به في كل وقت وحين، وما أعده له في الآخرة من ثواب إن هو أحسن، وسار على الطريق المستقيم، وأيضا من خلال مجاهدة النفس، والمواظبة على الطاعات، واجتناب المحرمات، ومن أنواع الحب في الإسلام، هو حب الإنسان لبني جنسه، ولسائر المخلوقات من حوله، ويشمل هذا الحب، حب الوالدين، والحب المتبادل بين الرجل والمرأة، وحب الأبناء، وحب العائلة، والأصدقاء، وحب الطبيعة، وغير ذلك، وهذا النوع من أنواع الحب ليس قليل الشأن كما يظن كثير من الناس، بل هو على صلة مباشرة بالأنواع الأخرى، فمن أحب خلق الله تعالى، ارتقى في تعامله معهم، ونال بالتالي حب الله جل في علاه.
وإن القلوب المليئة بالحب والرحمة هي أقدر القلوب على عرض رسالة الإسلام السمحة، فالله تعالى لم يُنزل هذه الديانة العظيمة على قلب أرحم الناس رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم إلا لتشيع مثل هذه المشاعر السامية بين المخلوقات كلها، ومن هنا فإنه يمكن القول إن تربية النشأ على الحب، والرحمة، والتسامح، بدلا من الكره، والظلم، والعدوان على الآخرين دون وجه حق هو السبيل الأمثل للارتقاء بالأمة، والسير بها نحو دروب الرفعة والألق، وإن الهداية هدف ينشده كل مسلم، مع تفاوت الناس في الطلب وصدق العزيمة وإلى كل راغب في الهداية ومتحر لأسبابها إلى كل متطلع للجنان العالية، عاشق لحورها ومؤمل في نعيمها، ومستجير من النار وفار من زمهريرها وسائر عذابها.
ولا نجاة من العذاب ولا وصول إلى السعادة إلا بها، وهي أجل نعم الله الواجب شكرها، وإن من أعظم نعم الله على عبده في هذه الدنيا أن يرزقه الهداية إلى صراطه المستقيم، ولماذا لا تكون الهداية أعظم النعم وأجلها وبها بعد فضل الله يكون الفوز بالجنة والنجاة من النار.