الدكروري يكتب عن إهتمام النبي بالعلم والتعلم


بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الرحيم الرحمن، خلق الإنسان، علمه البيان، أحمده سبحانه وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، رفع منزلة أهل العلم والإيمان، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، بعثه في الأميين يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة، صلى الله وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما مزيدا، الذي ناداه ربه عز وجل قائلا ” ألم نشرح لك صدرك” أي يا محمد أما شرحنا لك صدرك فصار وسيعا فسيحا لا ضيق فيه، ولا حرج ولا همّ ولا غمّ ولا حزن، بل ملأناه لك نورا وسرورا وحبورا، أما شرحنا لك صدرك وملأناه حكمة ورحمة وإيمانا وبرا وإحسانا، وشرحنا لك صدرك فوسعت أخلاق الناس، وعفوت عن تقصيرهم، وصفحت عن أخطائهم.
وسترت عيوبهم، وحلمت على سفيههم، وأعرضت عن جاهلهم، ورحمت ضعيفهم، وشرحنا لك صدرك فكنت كالغيث جوادا، وكالبحر كرما، وكالنسيم لطفا، تعطي السائل، وتمنح الراغب، وتكرم القاصد، وتجود على المؤمّل، وشرحنا لك صدرك فصار بردا وسلاما يطفئ الكلمة الجافية، ويبرد العبارة الجارحة، فإذا العفو والحلم والصفح والغفران، وشرحنا لك صدرك فصبرت على جفاء الأعراب، ونيل السفهاء، وعجرفة الجبابرة، وتطاول التافهين، وإعراض المتكبرين، ومقت الحسدة، وسهام الشامتين، وتجهّم القرابة، وشرحنا لك صدرك فكنت بساما في الأزمات، ضحاكا في الملمات، مسرورا وأنت في عين العاصفة، مطمئنا وأنت في جفن الردى، تداهمك المصائب وأنت ساكن.
وتلتف بك الحوادث وأنت ثابت، لأنك مشروح الصدر، عامر الفؤاد، حيّ النفس، وشرحنا لك صدرك فلم تكن فظا قاسيا غليظا جافيا، بل كنت رحمة وسلاما وبرا وحنانا ولطفا، فالحلم يُطلب منك، والجود يُتعلّم من سيرتك، والعفو يؤخذ من ديوانك، فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد لقد صنف النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الصحابة حسب تخصصاتهم ومواهبهم واتجاهاتهم وقدراتهم وكفاءاتهم وطاقاتهم في كل مجالات الحياة، وعلى هذا كان أساس المواهب والقدرات والطاقات، وهذا كله شاهد على عبقريته وحكمته صلى الله عليه وسلم في تقديم المواهب والكفاءات والطاقات كل في تخصصه، وفيه دعوة للأمة إلى أن تحذو حذوه صلى الله عليه وسلم في حسن التخطيط والتدبير وإتقان العمل.
واتخاذ أفضل الأسباب وتقديم الكفاءات مع الاعتماد على الله عز وجل مسبب الأسباب أولا وآخرا، ولم يقتصر اهتمام النبى صلى الله عليه وسلم بالحث على تعليم اللغة العربية فحسب، بل أمر بتعلم اللغات الأخرى وثبت أنه أمر زيد بن ثابت بتعلم اللغة السريانية ليتولى أعمال الترجمة والرد على الرسائل، وروى أنه تعلم بأمر منه صلى الله عليه وسلم العبرية والفارسية والرومية وغيرها، فعنه رضي الله عنه قال “أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم له كلمات من كتاب يهود، قال إني والله ما آمن يهود على كتابى، قال فما مر بي نصف شهر حتى تعلمته له، فلما تعلمته كان إذا كتب إلى يهود كتبت إليهم، وإذا كتبوا إليه قرأت له كتابهم “رواه أحمد وأبو داود والحاكم وغيرهم، فأصبح الفتى زيد بن ثابت ترجمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصبحت اللغة سلاحا له يدافع به عن الإسلام والمسلمين، وكما قيل “من تعلم لغة قوم أمن مكرهم”.