مقالات

حكايات وامثال.


✍️كتبت. د/هالة فاروق.

لو دامت لغيرك ما وصلت إليك كلمات بسيطة تحمل الكثير من المعاني العميقة والدروس المفيدة وخاصة لمن يتولون المناصب ويتناسون أنها تكليف وليست تشريفا، والجميع الآن بحاجة إلى فهم معناها، ولكن للأسف الشديد هناك البعض ممن يعتقدون أنهم أعلى من أي منصب وكأنهم كائنات فريدة بنوعها في مواقعهم.

عندما يقولون «لو دامت لغيرك ما وصلت إليك» فتلك حقيقة، وكل شيء في هذه الحياة لا يدوم، لا العمر ولا الجمال ولا الصحة ولا المنصب، فلا يغتر الإنسان بنفسه كثيراً ولا يتفاخر أمام من لا يملك إلا القليل، فما دامت حياة المرء قصيرة يبقى الأثر الطيب والعمل الصالح والأخلاق الحميدة ترفع من مقامه وشأنه في الحياة وبعد الممات، وعليه دائماً أن يردد أنه «ما راح نطلع من الدنيا إلا بقطعة قماش بيضة، والحكومة دافعة ثمنها بعد».

لا شك في أن المنصب يعطي صاحبه هيبة وسلطة وقوة، خصوصاً عندما ينفذ صغار النفوس أوامر صاحب الكرسي، ولكن لا يعني أنه من أجل الكرسي الذي لا يدوم طويلاً أن ينسلخ المرء من مبادئه وأخلاقه ومن أصحابه أو حتى من أسرته، فإذا وثق المرء بالكرسي عليه ألا يثق بالأرض التي تحمل هذا الكرسي، فالمتغيرات كثيرة، ويمكن أن تخلع صاحب المنصب من كرسيه كما يخلع المسمار من الخشب، والأمثلة كثيرة، نراها دائماً لأصحاب المناصب، فهناك من عزل عن منصبه بسبب أو من دون سبب، وهناك من تقاعد عن العمل بحكم عمره، وهناك من فارق الحياة وترك منصبه، ومع ذلك تمر بنا الأيام ونشاهد جميع هذه الأمثلة رأي العين لأشخاص عملنا معهم أو تعاملنا معهم أو عشنا معهم، لذلك هناك أشخاص معدنهم مثل الذهب لا يتغيرون ولا تتبدل أخلاقهم بل تزداد طيبة ومروءة وحسن معاملة، وهناك بعض آخر، حدث ولا حرج، من سوء أخلاقهم وتعاملهم واستعباد الموظفين لخدمتهم.
هناك من يحارب الآخرين ويكيد لهم من أجل الوصول إلى منصب ما، حتى وإن كان بالباطل، وعلى حساب الآخرين زملائه ومجتمعه، ينافق ويتملق ويمثل على أنه أعرف العارفين من أجل هذا المنصب، وربما يكذب ويخون ويلتوي من أجل أن يصل إلى غايته، لا ضير من أن يسعى الإنسان ويكافح من أجل الارتقاء، ولكن ليس على حساب الآخرين، من يتخذ ذلك طريقاً فلربما سيصل إلى مبتغاه، ولكن لن يدوم طويلاً، فمثلما الروائح الجميلة نشمها فإن الروائح القبيحة لها رائحة أيضاً ولكن لن يتحملها المجتمع طويلاً، وسيعمل الجميع على طردها، لذلك لا يبقى إلا الصحيح، «ولو جريت جري الوحوش غير رزقك ما تحوش».

ويرجع حكاية المثل إلي:- " لو دامت لغيرك ما وصلت إليك"

شهد رجل موكب عظيم لأحد الملوك، فاقترب منه ثم نادى
على الملك بإسمه، دون ألقاب ولا تعظيم فمسكه الحرس
وقيدوه واهانوه، ألا تعلم من تخاطب؟ أنه الملك العظيم الحكيم الفاتح .. ألتفت الملك وقال للحرس دعوه وانزعوا قيده ففعلوا فقال الملك للرجل: ادنوا مني فدنا،
وقال للملك: هل اغضبك أنني ناديتك بإسمك؟
إنني أنادي ملك الملوك بإسمه وأقول يا الله فلا يغضب !
بل قال: ( ونحن أقرب إليه من حبل الوريد)
رق قلب الملك .. وادمعت عيناه .. وقال له: عظني
فلقد سئمت قصائد المادحين.. فقال له :
إعلم يرحمك الله أنها لو دامت لغيرك ما وصلت إليك.
أنظر إلى الجهتين هذه قصورهم وهذه قبورهم ،
‏ ‏ ‏ ‏ إن الدنيا إذا حلت أوحلت ؛
‏ ‏ ‏ ‏ واذا كست أوكست؛
‏ ‏ ‏ ‏واذا جلت أوجلت؛
‏ ‏ ‏ ‏واذا أينعت نعت .. وكم من قبور تبنى .. وما تبنا ؛
‏ ‏ ‏ ‏ وكم من مريض عُدنا .. وما عدنا ؛
‏ ‏ ‏ ‏وكم من ملك رفعت له علامات .. فلما علا مات .

  • لو توكلتم علي الله حق توكله، لرزقكم كما يرزق
    ‏الطير وتبقي السعادة الحقيقية في الرضا بالمقسوم.

#كل_يوم_معلومة_جديدة.

#مع_الإعلامية_الدكتورة_هالة_فاروق.

مقالات ذات صلة