اخبار عالمية

نتنياهو أدخل إسرائيل في نفق سياسي مُظلم

الأعلامي يوحنا عزمي

بقلم : يوحنا عزمي

اتصور ، وقد اكون مبالغا او حتي مخطئا ، ان نتنياهو يعيش سيناريو النهاية بعد ان اصبح ورقة محروقة ، ورقة لا حاضر
لها ولا مستقبل في الحياة السياسية الإسرائيلية.

فالداخل الإسرائيلي باطيافه وقواه الحزبية والسياسية المختلفة  المعادية للتطرف اليميني المتهور بنزعته التسلطية الجامحة التي باتت تشكل خطراً حقيقيا علي مستقبل الديموقراطية في إسرائيل هذه القوي المتذمرة والرافضة لكل ما يجري حاليا علي الساحة السياسية الإسرائيلية من تطورات ، احتشدت منذ اسابيع في تظاهرات احتجاجية صاخبة جمعت الإسرائيليين من كل الاجيال والاعمار في مشهد مثير يكاد يكون بلا سابقة معروفة له ضد رئيس الحكومة نتنياهو وضد سياساته وخططه ومشاريعه والاعيبه ومناوراته التي يديرها كلها لحسابه ولتحصين نفسه ضد المساءلة القانونية والقضائية ، وليس لصالح إسرائيل في ظروف إقليمية ودولية عصيبة ومعقدة لا تحتملها ..

لكن اكثر ما يشغل الإسرائيليين ويستحوذ علي اهتمامهم هو
خطر هذه الدكتاتورية اليمينية المتطرفة علي ديموقراطيتهم
وعلي وحدتهم الوطنية وسلامهم الإجتماعي المهدد من قبل
هذه النوعية المتطرفة من السياسات والسياسيين والتي كشفت
لهم عن وجهها الحقيقي بعد وصولها إلي السلطة.

لقد اصبح واضحا بما يكفي الآن للقول بأن الضرر الناجم عن
هذا التطرف اليميني في السياسات والممارسات والمشاريع التي يدعو إليها نتنياهو وشركاؤه في الحكم ، قد تجاوز المجتمع المدني الإسرائيلي ، ليصل إلي المؤسسة العسكرية نفسها بما يحدث داخلها حاليا ، وربما للمرة الاولي من تمرد الجنود علي اوامر قادتهم ورفضهم تنفيذها في ظاهرة جديدة تعكس عمق الأزمة السياسية التي تضرب إسرائيل بعنف غير مسبوق من داخلها ، وهي الظاهرة التي قد يقود تفاقمها وانتشارها في صفوف المؤسسة العسكرية الإسرائيلية إلي انهيار انضباطها وتراجع ادائها ، بل وقد تنقلب علي السلطة المدنية نفسها لازاحتها من موقعها بالقوة إذا لم تجد هذه الأزمة المستحكمة والمتصاعدة طريقها إلي الحل حالا ودون ابطاء فالخطر داهم علي أمن إسرائيل واي حديث عن حرب مقبلة ضد إيران او غيرها يصبح محض هراء في ظل هذه الأوضاع السياسية والأمنية المتدهورة.

وقد حذر بعض رؤساء الأركان الإسرائيليين السابقين من عواقب هذا التمرد في صفوف الجيش الإسرائيلي ، وهو التمرد الذي وصفه نتنياهو نفسه بالتطور الخطير الذي سيفقد إسرائيل قدرتها علي الردع ، بل وسيجعل من الصعب الدفاع عن تل ابيب نفسها ..

وهذا هو اخطر ما في الأمر كله ، فانهيار الجيش الإسرائيلي
وتفككه من داخله يعني بداية النهاية لوجود الدولة الإسرائيلية نفسها ، فبقاؤها مرهون بقدرة هذا الجيش علي الدفاع عنها وإنهياره يعني انهيارها ونهايتها ، وهو الأمر الذي يجب ألا يغيب
عن بالنا ابداً ..

فقد انتهي عهد الأساطير التي نسجوها لنا في خيالنا عن قوة جيشها الذي لا يقهر ، وعن وحدته الفولاذية غير القابلة للاختراق وعن عقيدته القتاية التي ينفرد بها ، فهو كغيره من جيوش العالم في كل مكان قابل للتصدع والانهيار إذا ما توافرت الظروف والأسباب.

اعود واقول ان نتنياهو مع شركائه من الإرهابيين اليمينيين المتطرفين المعادين للديموقراطية بفعل نشأتهم وتكوينهم والتنظيمات الإرهابية التي جاءوا منها ، ادخلوا إسرائيل في
نفق سياسي مظلم ، واغرقوها في دوامة عميقة من الخلافات والصراعات والانقسامات الداخلية العنيفة ، ولذا لم يكن غريبا
ان يأتي وزير الدفاع الإسرائيلي السابق والزعيم السياسي البارز الجنرال بيني غانتس ليصرح بأن نتنياهو باع إسرائيل للمتطرفين ومعه انهالت تصريحات قادة بعض ابرز المنظمات اليهودية في اوروبا ، وفي بريطانيا بشكل خاص ، بأن نتنياهو واليمين المتطرف الذي يتزعمه يقودون إسرائيل وراءهم إلي كارثة حقيقية ..

وهذا يعني ان إسرائيل ليست مقبلة علي الغرق ، وانما هي
تغرق فعلا في ظل وجود نتنياهو مع عصابته الإرهابية من
امثال سموتريتش وبن غافير علي رأس الحكم في إسرائيل
صورة إسرائيل الآن من الداخل اسوأ بكثير مما قد نتصوره
وعلينا ان نعرف أين نحن منه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *