مقالات

الدكروري يكتب عن الذهب والفضة في الفقه الإسلامي


بقلم / محمـــد الدكـــروري

لقد ذكرت المصادر الإسلامية وكتب الفقه الإسلامي كما جاء في صحيح الإمام الترمذي وأبي داود، أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسكتانِ غليظتان من ذهب، فقال لها ” أتعطين زكاة هذا؟ ” قالت لا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” أيسرّك أن يُسوّرك الله بهما يوم القيامة سوارينِ من نار؟ ” قال فخلعتهما فألقتهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم ” هما لله ورسوله ” ففي هذا الحديث الشريف دلالة واضحة على وجوب الزكاة في الذهب والفضة إذا بلغا نصابا، ولكنه قد اعترض على الاستدلال من السنة، بأن حديث المسكتين قد ضعّفه أكثر من واحد من أهل الدراية بالحديث، منهم الترمذي، فلا يصح الاحتجاج به.

ولكن كان هناك رأى آخر، بأن هذا الحديث قد صحّحه كثير من أهل المعرفة بالحديث، منهم ابن القطان، فقد قال فيه إسناده صحيح، وقال فيه المنذرى، إسناده لا مقال فيه، وقد وثق رجال هذا الحديث ابن المديني وابن معين، ومن المعقول هو القياس على التبر بجامعِ أن كلا منهما جنس الأثمان غالبا، والتبر تجب فيه الزكاة، فكذلك تجب في الحلي المباح، وقد اعترض على الدليل بإبداء الفرق بين الأصل وبين الفرع، فلا يصح القياس ووجه الفرق أن التبر لم يستعمل استعمالا يُخرجه عن وجه النماء، فإذا لم يترك كان كنزا، بخلاف الحلي، وبأن استعمال الحلي لم يُخرجه عن وجه النماء حكما، وهذا كاف في وجوب الزكاة، وعلى هذا فالفرق إن وجد فغير مؤثر، وأما عن أدلة من قال بعدم وجوب الزكاة على الحلى.

فإنهم قد استدلوا بالسنة والمعقول، وإن من السنة الشريفة هو ما رواه الدارقطني بسنده إلى جابر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ليس في الحلي زكاة” فقد نفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، الزكاة عن الحلي، وعدم وجوبها فيه، وقد اعترض عليه بأن الخبر المذكور ليس مرفوعا للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، وفي سنده ابن يعقوب وهو مجهول، وعلى هذا فالخبر غير ناهض للحجية، وأما الادلة من المعقول، وهو أن الزكاة إنما تجب في المال النامي أو المُعدّ للنماء، والحلي ليس واحدا منها لأنه خرج عن النماء بصناعته حليّا يُلبس ويستعمل كالثياب، وقد اعترض عليه بإبداء الفرق بين الحلي والثياب ونحوها، فإنها لم تخلق إلا للاستعمال، بخلاف الحُلى فإنه من الذهب والفضة.

وهي جنس الأثمان، ومع وجود الفرق لا يستقيم القياس، وإن الراجح هو وجوب الزكاة في الحلي إذا بلغ نصابا، لقوة أدلة الحنفية ومن وافقهم، كما أن التهديد والوعيد الوارد في الأدلة التي استدل بها الحنفية كافى في وجوب الزكاة، وهكذا فقد تكرر هذا السؤال من كثير من الناس عن حكم زكاة الحلي من الذهب والفضة، وما ورد في ذلك من الأدلة، ولا ريب أن هذه المسألة من مسائل الخلاف بين أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم، وقد دل الكتاب والسنة على وجوب رد ما تنازع فيه الناس إلى كتاب الله وسنة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *