حق الفلسطينيين ما بين التفاوض الدبلوماسي وتصعيد المقاومة ضد الإحتلال


بقلم : يوحنا عزمي
يختلف الإسرائيليون فيما بينهم علي كل شيئ يتعلق بواقع حياتهم السياسية وغير السياسية إلا علي الفلسطينيين .. فهم يتفقون علي ان تدمير معالم الحياة الإنسانية الطبيعية في الأراضي الفلسطينية المحتلة وقطع شرايينها وتجفيف الدماء التي تسري فيها بهذا العنف الجامح الذي لا يتوقف هو الطريق كي لا تقوم للدولة الفلسطينية المستقلة قائمة .. ومن ذلك انهم ارتكبوا أمس ، وأمس فقط ، بحق الفلسطينيين مجزرتين دمويتين بشعتين راح ضحيتهما تسعة شهداء في ما يشبه الاعدامات الميدانية الفورية التي دابت قوات الإحتلال الإسرائيلي علي تنفيذها في المخيمات الفلسطينية وعلي الطرق المؤدية إليها بدم بارد ..
وعندما رد شاب فلسطيني صغير ليلة أمس علي هذه المجازر الدموية المستمرة بما فعله في تل ابيب من اطلاق النار علي بعض المارة دون قتل احد منهم ، قامت الدنيا هناك ولم تقعد ، وإلي حد انهم طلبوا من رئيس الوزراء نتنياهو قطع زيارته الرسمية لايطاليا والعودة فورا إلي إسرائيل ليدير الموقف بطريقته المعهودة ، ولم يكتفوا بأن قتلوا الفاعل في الحال وتركوا جثته ملقاة في الطريق في مشهد مستفز ومهين للتشفي والاذلال للفلسطينيين ، وانما دمروا منزله في نفس الليلة بأمر مباشر من وزير الدفاع واعتقلوا والده وشقيقه ، الخ.
وسوف تتسع دائرة الانتقام لتأخذ في طريقها الكثيرين ممن تحوم حولهم الشبهات كالمعتاد في اجواء امنية كئيبة ومخيفة سوف تلقي بظلالها القاتمة علي الأراضي الفلسطينية المحتلة كلها من الآن فصاعداً ، وسوف يكون القادم علي ايدي المستوطنين المتوحشين المدعومين بحماية قوات الاحتلال لهم اسوأ واعنف واكثر دموية ووحشية من كل ما نراه الآن .
وسوف تدير الحكومة الإسرائيلية الأزمة علي أساس أنها مسألة حياة او موت بالنسبة للإسرائيليين ولا مكان فيها للتهدئة او التنازلات او الحلول الوسط.
ومن ثم ، فإن علي من لا زالوا يراهنون علي حل الدولتين اياه
من خلال التفاوض الدبلوماسي بين الإسرائيليين والفلسطينيين
ان يتوقفوا عن ترديدهم لهذا الوهم الكبير ، فلا إسرائيل سوف تتفاوض ما دام أنه يمكنها ان تاخذ بالقوة ما لن تستطيعه بالدبلوماسية وهذه هي قناعتهم التي ترسخت فيهم ولن يتحولوا عنها ، ولا هناك مجتمع دولي قوي ومتماسك يمكنه اجبارها علي التحول عن مسار العنف الذي تنتهجه وتصمم عليه ، إلي مسار التفاوض الدبلوماسي كطريق للتعايش السلمي مع الفلسطينيين واحترام حقهم المشروع في الحياة الحرة الآمنة.
ولا يبقي حل امام الفلسطينيين سوي تصعيد المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي لاراضيهم دفاعاً عن حقهم في الحياة ككل شعوب العالم .. وهو ما اجمع عليه كل المفكرين الفلسطينيين
الكبار المعروفين ممن استضافتهم الفضائيات العربية للتعليق
علي ما حدث طيلة أمس في المخيمات ثم بعدها في تل ابيب
وقد اجمعوا علي أنه لا طريق سوي المقاومة ثم المقاومة.