الدكروري يكتب عن أصول الفرض والواجب


بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي عن أصول الفرض والواجب الكثير والكثير، وقيل في قواطع الأدلة في الأصول أن الفرض والواجب، واحد عندنا، وزعم أصحاب أبي حنيفة أن الفرض ما ثبت وجوبه بدليل مقطوع به، والواجب ما ثبت وجوبه بدليل مظنون، وفي الإحكام في أصول الأحكام للآمدي، فلا فرق بين الفرض والواجب عند أصحابنا وهم الشافعية، وقد خص أصحاب أبي حنيفة اسم الفرض بما كان من ذلك مقطوعا به، واسم الواجب بما كان مظنونا، والأشبه أي الأرجح، ما ذكره أصحابنا من حيث إن الاختلاف في طريق إثبات الحكم حتى يكون هذا معلوما وهذا مظنونا، غير موجب لاختلاف ما ثبت به، والخلاف بين الجمهور وأبي حنيفة في هذه المسألة، فهو خلاف لفظي.
ولا يترتب عليه مسألة علمية، لأن الجميع متفقون على أن الفرض والواجب كلاهما يلزم المكلف أن يفعلهما، وأنه إذا تركهما فإنه يعرض نفسه لعقاب الله سبحانه وتعالى، فهذا القدر متفق عليه بين جميع العلماء، وهذا هو ما يُحتاج إليه في الأحكام الفقهية، وفى النهايه نقول أن الفرض والواجب شيء واحد، وهو الذي يستحق الثواب فاعله، ويستحق العقاب تاركه، ويقال له فرض، ويقال له واجب، ولكن بعض أهل العلم يستعملون الفرض فيما قامت الأدلة القوية على وجوبه، وما كانت أدلته أضعف من ذلك يسمونه واجبا، وإلا فالأصل الذي عليه جمهور أهل العلم، أن الفرض والواجب شيء واحد، فيقال للصلاة فرض، ويقال لها واجبة، ويقال لصلاة الجماعة فرض، ويقال لها واجبة.
ويقال للزكاة فرض، ويقال لها واجبة، ويقال لصيام رمضان فرض، ويقال له واجب، ويقال للحج مع الاستطاعة فرض، ويقال له واجب، وهذا هو المعروف عند جمهور أهل العلم، وهو الشيء الذي قام الدليل على أنه لازم، ويستحق العقاب تاركه، ويستحق الثواب فاعله، وهذا يسمى فرضا، ويسمى واجبا، ولكن بعض أهل العلم مثلما تقدم قد يتسامحون فيطلقون الفرض على ما قويت أدلته وصارت واضحة جلية معلومة من الدين بالضرورة، فيسمون ذلك فرضا كالصلاة، فرض، والزكاة فرض، ويسمون التسبيح في الركوع والتسبيح في السجود يسمونه واجب، ويسمون التكبيرات ماعدا الأولى يسمونها واجبة، لأن أدلتها أقل من أدلة وجوب الصلاة نفسها.
وهكذا يسمون في الحج الرمي رمي الجمار يسمونه واجب، ويسمون المبيت في المنى ومزدلفة واجب، ويسمون الطواف ركن فرض، ويسمون الوقوف بعرفة فرض وركن، لأن أدلته أظهر وأعظم، وهكذا أمثلة كثيرة لأهل العلم. والله تعالى أعلم.