اخبار الفن والمشاهير

فريد الأطرش وأغنية “وياك” والعبور إلى العالمية

كتب/ أيمن بحر

الحادثة مسجّلة بصوت الموسيقار فريد الأطرش كتوثيق لبداية إيمانه بأنه من الممكن للموسيقى العربية أن تصل إلى رحاب العالمية بحيث تستسيغها الأذن الغربية وتبقى محافظة على شرقيتها الأصلية…

يقول حرفياً: “في ليلة شتائية باردة من ليالي باريس، كنت جالساً وحيداً في زاوية مقهى يقصده الفرنسيون بكثرة ليالي السبت مساءً… وكنت أتابع المجتمع المخملي يرقص على أصوات الأوركسترا التي كانت دارجة تلك الأيام… وفجأة وبعد مرور حوالي الساعة تفاجأت بأغنية ليست غريبة عن سمعي وبعد تردّد واندهاش وحيرة هذه الأوركسترا تعزف أغنيتي “وياك” نفسها بكل تفاصيلها، ومن المعروف أن هذه الأغنية لم تأخذ مني وقتاً كبيراً لتلحينها، وقد لحنتها وأنا في داخل سيارتي في القاهرة عند اكتظاظ الشارع بالسيارات ووصلت إلى البيت وكنت قد انتهيت منها ولا ينقصها إلا الكلمات التي تطابق اللحن وكانت أغنية “وياك”… أمّا أن تصل موسيقاها إلى باريس وصدفة أسمعها في أحد المقاهي المعروفة فهذا منتهى السعادة والفرح”.
ويتابع فريد “عند انتهاء الأغنية تركت المقهى وهمت متشرداً في شوارع باريس والمطر المتساقط الخفيف لم أشعر به من شدّة فرحي ومشاعري وفكري الذي شرد إلى فضاءات أخرى وسكنت فكرة عالمية الموسيقى العربية أكثر وأكثر في تفكيري بفضل هذه الصدفة، وكان مشواري في شوارع باريس طويلاً لذيذاً يضجّ في فكري وخاطري وأغنية “وياك” وموسيقاها ومشهد المجتمع الفرنسي يرقص على أنغامها احتلّ كل أحاسيسي”.

فريد الاطرش
وصلت الفندق وكانت رحلة جديدة عندما طرأت على رأسي فكرة الاتصال بصديق جزائري له علاقاته العامة الكبيرة بمختلف الأوساط الفرنسية ومن ضمنها الفعاليات الموسيقية… وكان فرانك بورسيل إحداهم من قاد أوركسترا في فرنسا وأوروبا قاطبة مع العلم أن منافسيه الإيطالي هنري مانشيني والأميركي فرانسيس لي والإيطالي الآخر فاوستو بابتي لا يقلّون شأناً عنه، ولكنه ومن خلال حديث صديقي الجزائري عنه كان الأكثر تعلقاً بتسجيل موسيقى لأغانٍ عربية شرقية أصيلة وتصل دافئة غنية إبداعية إلى الأذن الغربية…
وكانت المقابلة مع فرانك بورسيل في باريس خلال أسبوع من تلك السهرة بفضل صديقي الجزائري وطلب أسطوانات فما كان من صديقي إلا أن قصد مجموعة من المحلات الموسيقية التي تبيع الكاسيتات العربية… وتوفّق بمجموعة من الأسطوانات وعندما سمعها بورسيل الذي كان متشائماً قبلها وقال حرفياً: منذ زمن بعيد وأنا أسمع أغان عربية كثيرة ولم تتطابق أي منها مع فلسفتي في مقاربة الأغاني التي من الممكن أن تتوزع أوركستراليا… حتى سمعت أغانيك يا فريد… هي الجواب الصحيح لطموحاتي على صعيد عزف أوركسترالي للموسيقى الشرقية…
وفرانك بورسيل هو قائد الأوركسترا الفيلهارمونيك الفرنسية التابعة لوزارة الثقافة والفنون الفرنسية وفيها حوالي 150 عازفاً والأكبر في أوروبا…
وضجّ العالم بأربع أغنيات لفريد عزفتها هذه الأوركسترا: حبيب العمر، لحن الخلود، ليلى، زمردة، وكان النجاح كبيراً والفكرة طازجة وراقية وكان أسعد إنسان في العالم في ذلك الزمن وفي تلك اللحظات فريد الأطرش…
وفي مقابلته بعد سنتين من ذلك مع أهم إعلامية في ذلك الزمان “ليلى رستم” ابنة سفير مصر في لبنان وصاحبة أهم برنامج “نجوم على الأرض” عندما تكلم فريد بأريحية مستشهداً بفرانك بورسيل وبإمكانية انتقال الموسيقى الشرقية إلى العالمية…
قصة جميلة سردتها بأمانة لموسيقار عربي عالمي هو الأسطورة فريد الأطرش…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *